[ad_1]
لقد تطور المشهد الرياضي العالمي بشكل كبير على مر السنين.
تاريخيا، سيطرت الدول الغربية على استضافة الأحداث الرياضية الكبرى، بينما كانت مشاركة منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ضئيلة.
لقد ساهم هذا النهج المتمركز حول الغرب في تشكيل أحداث مثل الألعاب الأولمبية وكأس العالم، متجاهلاً في كثير من الأحيان إمكانات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
على سبيل المثال، في بطولة كأس العالم 1966، تم حجز مقعد واحد فقط من أصل 16 مقعدًا للفرق من أفريقيا وآسيا مجتمعة. ونتيجة لذلك، قاطعت الدول الأفريقية البطولة، واختارت معظم الدول الآسيوية أيضًا عدم المشاركة.
وبالمثل، كان القرار بشأن من يمكنه استضافة هذه البطولات المرموقة خاضعاً لسيطرة الدول الغربية.
وحصلت الدول الأوروبية وأميركا الشمالية على حقوق الاستضافة بشكل رئيسي لعقود من الزمن، في حين تم استبعاد الدول العربية إلى حد كبير.
على سبيل المثال، حاول المغرب استضافة كأس العالم في أعوام 1994، و1998، و2006، و2010، لكنه لم ينجح في كل مرة.
ولكن التطورات الأخيرة غيرت هذه الديناميكية. فقد أصبح العالم العربي الآن يبرز كوجهة بارزة لاستضافة بعض أكبر الأحداث الرياضية على الساحة العالمية.
ويرجع هذا التحول إلى عدة عوامل.
إن بطولة كأس العالم 2022 في قطر تشكل حدثاً كبيراً. ورغم أن وسائل الإعلام الدولية سلطت الضوء في كثير من الأحيان على الظروف الصعبة التي يعيشها العمال المهاجرون في الدولة الخليجية الصغيرة، فقد اعتبرت البطولة على نطاق واسع نجاحاً على مستوى العالم، وخاصة من قِبَل الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا).
لقد كانت البطولة جيدة التنظيم، وممولة بشكل جيد، ومدعومة بشكل جيد من قبل الرعاة. كما كانت بطولة جمعت الدول العربية، وعلى أرض الملعب وخارجه، أثارت الفرق والمشجعين ــ وخاصة المغرب والمملكة العربية السعودية ــ الإعجاب. ورأى العالم شغف كرة القدم في المنطقة.
كما قامت دول مثل المملكة العربية السعودية وقطر بتحويل علاقاتها مع المجتمع الرياضي العالمي.
تقليديا، كانت الهيئات الرياضية الدولية الكبرى، مثل الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) واللجنة الأولمبية الدولية، تتمركز في أوروبا، وكانت قياداتها أوروبية عادة.
يقع المقر الرئيسي للاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) واللجنة الأولمبية الدولية في سويسرا، بقيادة إيطالي وألماني على التوالي. ومع ذلك، تتبنى هاتان المنظمتان الآن منظورًا أكثر عالمية، مع التركيز بشكل خاص على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وتسلط الزيارات المتكررة لرئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جياني إنفانتينو إلى قطر والمملكة العربية السعودية الضوء على هذا التغيير.
ولقد ساهم طموح المملكة العربية السعودية في أن تصبح مركزاً رياضياً عالمياً في تسريع هذا التحول. فسباقات الفورمولا 1، وهي رياضة متجذرة تاريخياً في أوروبا، تقام الآن بانتظام في المملكة العربية السعودية، فضلاً عن الإمارات العربية المتحدة وقطر والبحرين. وهذا يوضح كيف لم تعد المنطقة مجرد متفرج بل أصبحت مشاركاً نشطاً في المشهد الرياضي العالمي.
تزايد الإقبال على الأحداث الرياضية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
ونظراً لنجاح هذه الأحداث، أصبح هناك الآن إقبال متزايد على الأحداث الرياضية الحية في المنطقة.
وفي حين اعتُبرت دورة الألعاب الأولمبية في باريس 2024 نجاحاً كبيراً، وسوف تليها دورة لوس أنجلوس في عام 2028، أصبحت المدن الغربية مترددة بشكل متزايد في تحمل التحديات المالية واللوجستية المترتبة على استضافة الألعاب.
وقد دفع هذا قادة الرياضة العالمية إلى النظر إلى أفريقيا وآسيا والشرق الأوسط كبدائل.
على سبيل المثال، ستستضيف المملكة العربية السعودية بطولة كأس العالم 2034. ورغم الانتقادات التي قد توجه إلى قطر بسبب حقوق الإنسان وقضايا العمال المهاجرين، فإن المسؤولين الرياضيين يعتقدون أن الحدث نفسه سوف يجذب أغلب انتباه العالم.
وساهم الاستضافة السلسة لكأس العالم للأندية 2023 في السعودية، والتي لقيت استحسان الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، في تعزيز قدرة المنطقة على استضافة الأحداث الدولية الكبرى.
المغرب دولة أخرى تخطو خطوات كبيرة نحو الأمام. فقد استضافت بنجاح كأس العالم للأندية 2022، بحضور متوسطي تجاوز 40 ألف متفرج، وكأس أفريقيا للسيدات 2022، والتي حطمت كل الأرقام القياسية في عدد الحضور. وفي العام المقبل، ستستضيف البلاد أيضًا كأس الأمم الأفريقية 2025، لتكون أول مرة تستضيف فيها المسابقة منذ عام 1988.
لقد استمرت إصرار المغرب على استضافة الأحداث الكبرى في تحقيق ثماره. فبعد خمس محاولات فاشلة، نجحت محاولة المغرب السادسة أخيرا. وستستضيف البلاد الآن كأس العالم 2030 بالاشتراك مع البرتغال وإسبانيا.
ومن ناحية أخرى، وضعت قطر معايير عالية من خلال بناء عشرة ملاعب حديثة ونظام مترو جديد لكأس العالم 2022.
وبعد البطولات الكبرى التي أقيمت في جنوب أفريقيا والبرازيل وروسيا، أبدى كثيرون إعجابهم بكفاءة الحدث الذي نظمته قطر. ومن المتوقع أن تكون الدوحة منافساً قوياً لاستضافة أولمبياد 2036 بفضل هذا النجاح.
وتتبع المملكة العربية السعودية الآن هذا النهج من خلال بناء ملاعب جديدة لكأس العالم 2034، حيث أعرب مسؤولو الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) عن ثقتهم في أن البلاد ستكون مستعدة بالكامل.
فرصة لمصر؟
وتبرز مصر، التي لديها طموح طويل الأمد لاستضافة الأحداث الدولية، كمنافس قوي لاستضافة الأحداث الرياضية الكبرى، وهي تهدف الآن إلى تأمين استضافة الألعاب الأولمبية.
تتمتع مصر بتاريخ طويل في التقدم بطلبات استضافة الألعاب، بدءًا من أول محاولة لها في عام 1916، ثم محاولة أخرى في عام 1936، وكلاهما خسر أمام برلين (على الرغم من إلغاء دورة الألعاب في عام 1916 بسبب الحرب العالمية الأولى). حاولت مصر مرة أخرى في عام 2008 لكنها لم تصل إلى القائمة المختصرة، وخسرت أمام بكين.
ورغم أن تاريخ مصر يشير إلى أن مساعيها لاستضافة الألعاب الأولمبية في عام 2036 أو 2040 قد تواجه تحديات، إلا أن هناك تفاؤلا بأن البلاد قد تنجح في نهاية المطاف، تماما كما فعل المغرب بعد عدة محاولات.
وفي الآونة الأخيرة، أحرزت مصر تقدماً كبيراً في مجال تطوير مرافقها الرياضية. فالمدينة الأوليمبية الدولية المصرية، وهي مجمع جديد بالقرب من القاهرة، تضم استاداً يتسع لـ 93 ألف مقعد، وحمامات سباحة أوليمبية، وقاعات جمباز، وهو ما يعزز من فرص مصر في استضافة الألعاب الأوليمبية.
ورغم هذه التحسينات، لا بد من مواجهة الواقع.
وقد تشكل دورة الألعاب الأولمبية 2036 تحديا لمصر، حيث من الممكن أن تقام الدورة في آسيا بعد لوس أنجلوس (2028) وبريسبان (2032)، مع تنافس دول مثل الهند وإندونيسيا وتركيا على تنظيمها.
وعلاوة على ذلك، لا تزال هناك مخاوف بشأن الوضع المالي في مصر، والذي قد يؤثر على قدرتها على استضافة الألعاب بنجاح.
وإذا لم تنجح مصر في استضافة دورة الألعاب الأولمبية 2036، فقد تظل لديها فرصة قوية لاستضافة دورة الألعاب الأولمبية 2040، نظرا لاستعداداتها الجارية.
وإذا نظرنا إلى كل شيء، فمن الواضح أن الدول العربية أظهرت قدرتها على تطوير البنية التحتية اللازمة بسرعة، كما فعلت قطر لاستضافة كأس العالم 2022.
عندما حصلت قطر على حق الاستضافة في عام 2010، فاجأت الكثيرين وواجهت انتقادات شديدة. وقد سلط نجاح الحدث الضوء على أن استضافة الأحداث الرياضية العالمية الكبرى في العالم العربي أصبحت أكثر روتينية وليس استثنائيا.
قام جون دوردن بتغطية الأحداث الرياضية الآسيوية لأكثر من 20 عامًا لصالح صحيفة The Guardian، ووكالة Associated Press، وشبكة ESPN، وهيئة الإذاعة البريطانية، وصحيفة New York Times، بالإضافة إلى العديد من وسائل الإعلام الآسيوية. وهو أيضًا مؤلف أربعة كتب
تابعه على X: @johnnyduerden
[ad_2]
المصدر