[ad_1]

أثار اعتقال محافظ مصرف لبنان المركزي السابق رياض سلامة الأسبوع الماضي موجة من التكهنات داخل لبنان وخارجه.

وحتى اضطراره إلى التنحي في نهاية يوليو/تموز من العام الماضي، ظل سلامة (73 عاماً) حاكماً لمصرف لبنان لمدة 30 عاماً (1993-2023).

تم اعتقاله في 5 سبتمبر/أيلول بعد استجوابه من قبل المدعي العام جمال الحجار، ويواجه تهمًا متعددة، أبرزها تورطه في صفقة مشبوهة بين الخدمات المالية وشركة الوساطة Optimum Invest ومصرف لبنان المركزي خلال فترة ولايته كمحافظ.

وأفادت وكالة رويترز للأنباء أن قاضي التحقيق بلال حلاوي أمر يوم الاثنين بإبقاء سلامة قيد الاحتجاز بعد استجوابه للمرة الأولى منذ احتجازه. ومن المقرر عقد جلسة أخرى يوم الخميس.

ويواجه سلامة أيضًا اتهامات تشمل اختلاس الأموال وتبييض الأموال والإثراء غير المشروع والتزوير وسرقة الأموال العامة، ما يزيد من تعقيد القضية المرفوعة ضده، حيث يعتبره كثير من اللبنانيين أحد المحرضين الرئيسيين على الأزمة المالية في لبنان وانهيار العملة اللبنانية. وقد نفى سلامة هذه الاتهامات مرارًا وتكرارًا.

وفي عام 2023، أصدرت ألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا مذكرات اعتقال دولية ضد سلامة، بتهمة جمع أصول عقارية ومصرفية بشكل غير قانوني تصل قيمتها إلى 110 ملايين دولار، وفقا لرويترز، وفرضت الدول الثلاث الأخيرة عقوبات عليه وعلى أفراد أسرته.

السيناريوهات المحتملة بعد اعتقال سلامة

وبعد استجوابه يوم الاثنين، سيبقى سلامة قيد الاحتجاز حتى جلسة الاستماع التالية المقررة يوم الخميس، بحسب رويترز.

وأوضح المحامي اللبناني وديع عقل لـ«العربي الجديد» أن القاضي سيكون أمام أحد خيارين.

وقال عقل إن “الخيار الأول هو إصدار مذكرة اعتقال، مما يعني إرسال سلامة إلى السجن لفترة مؤقتة تتراوح بين أربعة إلى ستة أشهر حتى يتم توجيه الاتهام إليه وربما الحكم عليه بالسجن لمدة تصل إلى عشر سنوات”.

أما الخيار الثاني، بحسب المحامي، فهو الإفراج المشروط عنه، وفي هذه الحالة سيستأنف الادعاء القرار، وسيفصل فيه قاضي غرفة الاتهام ماهر شعيتو، وهو الذي سيتخذ القرار النهائي.

“دولة بلا ربح”: أزمة لبنان المالية التي لا تنتهي

آفاق التغيير في النظام السياسي المعيب في لبنان

لبنان وصندوق النقد الدولي: ترسيخ النخبة الحاكمة

وعلى الصعيد الدولي، أشار عقل إلى أن سلامة ملاحق في 13 دولة، بينها الولايات المتحدة، ما يعني أن هذه الدول قد تطلب توسيع التحقيق أو تقديم طلبات استجواب مباشرة.

وأضاف عقل أن “كل التحقيقات ستجري في لبنان حصراً”، نافياً الشائعات التي تتحدث عن أن سلامة يخضع للتحقيق في لبنان لإحباط محاكمته في الخارج.

ويرى عقل أنه يجب على القاضي أن يأمر بتفتيش منزله لمصادرة كميات كبيرة من الأموال والذهب والمجوهرات والفنون، إلى جانب العديد من الوثائق، قبل أن يقوم حراسه بتهريبها.

وقال عقل إن “أحد خيارات الادعاء هو أن يأمر بإغلاق منزله بالشمع الأحمر”.

هل ستعرقل التدخلات السياسية التحقيق؟

ويقول عقل إن المخاوف بشأن تسييس التحقيق، بالنظر إلى الشبكة المصرفية الكبيرة التي يملكها سلامة والمرتبطة به، مبررة.

وأضاف المحامي أن “الأضواء الدولية تتركز الآن على لبنان، وبالتالي فإن أي محاولة لحماية سلامة قد تضع المتورطين تحت المجهر الدولي”.

لكن المحلل السياسي والمعلق يوسف دياب يرى أن سلامة هو جزء من المنظومة السياسية، ومن الطبيعي أن يتدخل السياسيون لتأمين إطلاق سراحه.

ويقول دياب إن “مسار هذه القضية سيعتمد على طبيعة التحقيق مع سلامة وما إذا كان سيكشف معلومات عن مساعديه في هذه المنظومة الفاسدة”.

وأكد دياب أن عنصر المفاجأة في اعتقال سلامة لعب دوراً حاسماً في الوضع الحالي.

ويقول دياب: “لو كانت النخب السياسية تعلم أنه مستدعى للتحقيق، لما سمحت له بحضور التحقيق”.

ويشير إلى أن سلامة نفسه لم يتوقع هذا.

“كان واثقاً من أنه مدعو للإدلاء بشهادة في قضايا لا علاقة له بها، حتى أنه لم يخبر محاميه بذلك”، يقول دياب. والمفاجأة جاءت من نتائج لجنة التحقيق الخاصة، التي احتوت على وثائق تعزز الشكوك ضده، كما أوضح دياب.

اجتاحت الاحتجاجات الشعبية المناهضة للمؤسسة والفساد لبنان في عام 2019. (جيتي) سلامة والقضاء اللبناني

وتؤكد مصادر قضائية أن ما يجري الآن ليس إلا بداية لعملية طويلة ستؤدي إلى كشف فساد مسؤولين آخرين، وقال وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال الحالية هنري خوري في تصريح إن “ملف رياض سلامة أخذ مساره القانوني الصحيح… ودور الدولة حماية المال العام، والقضاء اتخذ قراره”.

ويقول دياب إن قضية سلامة تشكل نقطة تحول في النظام القضائي اللبناني، لكن قيمتها ستكون محدودة، ويرى دياب أنه لا يكفي أن تتوقف التحقيقات عند رياض سلامة وحده.

ويقول دياب إن “توقيف سلامة هو درس لأي مدير بنك أو أي شخص يشغل منصباً عاماً: يجب أن تحسب كل خطوة تقوم بها، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالأموال العامة”.

لكن الخبير الاقتصادي منير يونس يعتقد أن الدراما القانونية المتكشفة هي استجابة للضغوط الدولية على لبنان، بما في ذلك التهديد بوضع البلاد على “القائمة الرمادية” لمجموعة العمل المالي (FATF) في أكتوبر/تشرين الأول بسبب الفشل الواسع النطاق في معالجة غسيل الأموال.

ويقول يونس إن “هذا الضغط دفع القضاء اللبناني إلى إجراء هذا الاعتقال، بهدف الإشارة إلى المجتمع الدولي بأنه يلاحق الجرائم المالية بشكل جدي”.

لكن يونس يؤكد أن هذه الخطوة ليست كافية.

“إن العدالة الكاملة تتطلب المحاسبة والتوضيح المبني على الأدلة حول كيفية إهدار نحو 100 مليار دولار من أموال المودعين والأموال العامة. وإذا اقتصر التحقيق على رياض سلامة وحده، فلن تظهر الحقيقة كاملة”، يقول يونس.

ويرى يونس أن توقيف سلامة لن يؤثر بشكل مباشر على الوضع الاقتصادي في لبنان أو استعادة أموال المودعين إلا بعد التحقيق بشكل معمق في كل الملفات المرتبطة بالبنك المركزي، وليس فقط الملفات المتعلقة بشركة “أوبتيموم إنفست” والعمولات المزعومة التي تقاضاها والتي تصل إلى 8 مليارات دولار.

ويقول يونس إن “كشف حقيقة أموال المودعين يتطلب فتح ملفات أخرى، مثل عمليات الهندسة المالية، وحسابات الدولار اللبناني (اللولارات)، والدعم، وتحويل الأموال إلى الخارج”، مشيراً إلى أن معالجة هذه القضايا من شأنها أن تجعل البحث عن أموال المودعين ممكناً.

ويقول يونس إن التدقيق الشامل في حسابات البنك المركزي بشفافية كاملة هو السبيل الوحيد لتمكين من استرجاع الأموال إن وجدت.

ويقول يونس، وهو يروي كيف أنشأت الدولة الاسكندنافية لجنة برلمانية لتقصي الحقائق وأجرت عملية قضائية قوية بمساعدة 30 قاضيا دوليا للكشف عن حلقة فساد واسعة النطاق، “يجب أن نتعلم من تجربة أيسلندا”.

ويقول يونس إن “مثل هذه اللجنة ستتولى توزيع المسؤوليات وإجراء عمليات تدقيق وتحقيق سريعة، وستؤدي في نهاية المطاف إلى حل عادل للمودعين، ينهي الأزمة خلال 3 أو 4 سنوات”، معرباً عن قلقه من أن يؤدي فتح ملفات مالية كبيرة إلى فضائح من شأنها أن تزيد من تدمير النظام المالي.

ويقول “إن مخاوفي هي أنه إذا تم وضع لبنان على القائمة الرمادية، فإن تلقي التحويلات المالية من الخارج سيصبح أكثر صعوبة، والانتقال إلى القائمة السوداء قد يؤدي إلى كارثة اقتصادية أكبر”.

تم نشر هذه المقالة بالتعاون مع إيجاب.

[ad_2]

المصدر