كيف أصبحت الجزائر محاصرة في يوم جرذ رئاسي؟

كيف أصبحت الجزائر محاصرة في يوم جرذ رئاسي؟

[ad_1]

في الرابع عشر من سبتمبر/أيلول، أعيد انتخاب الرئيس الجزائري الحالي عبد المجيد تبون رسميا بفوز ساحق، حيث حصل على أكثر من 80% من الأصوات. ورغم أن مثل هذا الفوز الحاسم قد يوحي بالشعبية، فإنه نادرا ما يعكس سباقا ديمقراطيا.

منذ توليه منصبه بعد الانتخابات التي شهدت مشاركة ضعيفة في عام 2019، عكس تبون، الوزير السابق في عهد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، بشكل متزايد أسلوب سلفه.

خلال الحملة الانتخابية، انسحب المعارضون، مشيرين إلى “ظروف غير عادلة”، في حين حوكم أولئك الذين عارضوا سياسته بموجب قوانين مكافحة الإرهاب الواسعة النطاق أو أجبروا على المنفى.

بالنسبة للعديد من الجزائريين، كان هذا الانتخاب بمثابة تكرار للانتصارات الرئاسية الأربعة التي حققها بوتفليقة، الذي أطاح به الحراك الشعبي في الوقت الذي كان يستعد فيه لولاية خامسة.

في ذلك الوقت، كانت نتائج السباق الرئاسي مجرد إجراء شكلي؛ وكان من المتوقع على نطاق واسع أن يظل بوتفليقة في السلطة، على الرغم من تدهور صحته واعتماده على كرسي متحرك.

ويشير أندرو جي فاراند، مؤلف كتاب “الحلم الجزائري”، إلى أن تبون من المرجح أن يسير على خطى بوتفليقة.

وقال فاراند لـ«العربي الجديد»: «في الجزائر النظام السياسي يخشى التغيير ويفضل الاستمرارية».

بعد الاستقلال: الجيش والإسلاميون والسياسة

ليس سرا أن الجيش لعب دور الأب الروحي في السياسة الجزائرية منذ الاستقلال.

بعد 132 عاما من الاستعمار، نجحت جبهة التحرير الوطني وجناحها العسكري جيش التحرير الوطني في هزيمة الاستعمار الفرنسي في عام 1962.

لكن زعماء حركة التحرير أنشأوا بعد ذلك دولة الحزب الواحد، الأمر الذي دفع البلاد في نهاية المطاف إلى أعمال شغب وحرب أهلية.

وبعد ثلاث سنوات أطاح وزير دفاعه بومدين ببن بلة، أول رئيس للجزائر بعد الاستقلال، بعد فشله في توحيد الفصائل المختلفة في جيش التحرير الوطني. وحكم بومدين حتى وفاته في عام 1978، وبعد ذلك خلفه عضو آخر في جيش التحرير الوطني، الشاذلي بن جديد، الذي أنهى نظام الحزب الواحد لكنه رفض المنافسة السياسية.

لكن في عام 1991، تدخل الجيش لمنع الجبهة الإسلامية للإنقاذ من الوصول إلى السلطة، مما أدى إلى إطاحة بن جديد وإشعال فتيل حرب أهلية طويلة دامية.

بلغت نسبة المشاركة في الانتخابات الجزائرية أقل من 50%، بحسب الأرقام الرسمية. (Getty/File)

وبعد عقدين من الزمان، أصبح بوتفليقة، الذي شغل منصب وزير الخارجية في حكومة بومدين، رئيساً للبلاد عندما سعت البلاد إلى توحيد صفوفها بعد الحرب الأهلية. وظل بوتفليقة في منصبه، حتى مع تدهور صحته، حيث وردت تقارير عن أن القادة العسكريين كانوا يصوغون رسائله وقراراته.

عندما حصلت الجزائر على استقلالها، أعلن جيش التحرير الوطني أن الشعب هو “البطل الوحيد”، ورفض تقديس المناضلين الأفراد.

ولكن التاريخ يروي قصة مختلفة. فقد اعتمد جيش التحرير الوطني، سواء في المقدمة أو في الخلفية، على شرعيته التاريخية للعب دور حاسم في التوجيه السياسي والاقتصادي للبلاد لأكثر من نصف قرن من الزمان.

ولكن في عام 2019، نزل الشعب الجزائري إلى الشوارع، مرددين شعار “النظام فاسد؛ ارحلوا جميعا!”. ولم تعد الشرعية التاريخية لحزب جبهة التحرير الوطني كافية لتبرير الاقتصاد المتعثر والباب الدوار للمناصب الرئاسية، في حين حافظ الجيش على تفوقه.

كما حدث مع أغلب الثورات الإقليمية، تم قمع الحراك الجزائري، مما أدى إلى اعتقال قادته وإجراء انتخابات ذات نسبة مشاركة منخفضة أدت إلى وصول تبون إلى السلطة.

لكن على النقيض من أسلافه، يفتقر تبون إلى الكاريزما والسحر ومهارات التحدث أمام الجمهور، مما يجعله أقل استحسانا ــ حتى بين العسكريين. ويوضح فاراند، وهو زميل بارز في مبادرات المجلس الأطلسي للشرق الأوسط: “هناك تقارير تفيد بأن بعض القادة العسكريين ينتقدون إمكاناته”.

خلال ولايته الأولى، اتخذ تبون بعض القرارات لاستعادة ثقة القادة العسكريين المتشككين. ففي 27 يونيو/حزيران، وقع مرسوما يسمح لضباط الجيش بتولي مناصب رفيعة المستوى في قطاعات الدولة الحساسة المتعلقة بالسيادة والمصالح الوطنية.

ومن المتوقع أن يؤدي هذا الإجراء إلى “زيادة نفوذ الجيش في المجالات المدنية”، بحسب تحذير أكرم خريف، المتخصص في شؤون الدفاع، في مقال لمؤسسة روزا لوكسمبورغ.

في عهد تبون، يبدو الجيش أكثر أهمية من أي وقت مضى، حيث روج الزعيم لروايات حول المخاطر المتصورة من المغرب المجاور، وحركة الحكم الذاتي للقبائل (الماك)، وحركة رشاد الإسلامية المحافظة – وكلاهما صنفتهما السلطات على أنهما “إرهابيان”.

وتماشيا مع هذه التهديدات المزعومة، ارتفعت ميزانية الدفاع إلى ما يقرب من 20 مليار دولار في عام 2023، مما يجعلها أكبر إنفاق في البلاد.

“في الجزائر النظام السياسي يخشى التغيير ويفضل الاستمرارية”

“لا انتفاضات في المستقبل القريب”

في الشارع الجزائري، قد لا تكون حرية التعبير على رأس قائمة الأمنيات، لكن ما هو ضروري لمواطني البلاد البالغ عددهم 45 مليون نسمة هو اقتصاد أفضل، وفرص عمل أكثر، ورواتب أعلى. لقد تعثر الرئيس الحالي على كل هذه الجبهات.

ورغم أن اقتصاد الجزائر نما بمعدل سنوي بلغ نحو أربعة في المائة على مدى العامين الماضيين، فإنه يظل يعتمد بشكل كبير على الغاز لتمويل برامجه الاجتماعية. وهذا الاعتماد يجعل الاقتصاد عُرضة لتقلبات أسعار النفط العالمية، ويخنق خلق فرص العمل خارج قطاع الهيدروكربون، ويستنزف الموارد.

وقال فاراند لـ«العربي الجديد»: «الآن لم يعد هناك مجال للنقاش العام في البلاد. على الأقل خلال عهد بوتفليقة كان هناك بعض مظاهر الحوار».

ويرى الخبير السياسي أن الجزائر تحتاج إلى مساحة حرة للنقاش والحوار السياسي، خاصة فيما يتعلق بنضالات دولة غنية بالغاز لا تزال بحاجة إلى معرفة كيفية إطلاق العنان لإمكاناتها الكاملة.

ويوجد حاليًا 228 سجين رأي في الجزائر، معظمهم متهمون بـ”الإرهاب” لانتقادهم حكم تبون، وفقًا للناشط الحقوقي زكي حناش. وقد أدى القمع إلى تعميق اللامبالاة بين عامة الناس، الذين غالبًا ما يشيرون إلى النخبة السياسية باعتبارها “مافيا”.

كانت نسبة المشاركة في هذه الانتخابات أقل من 50%، وفقًا للأرقام الرسمية. وتوقع مقال في صحيفة لوموند الفرنسية اليومية أن تكون النسبة الفعلية أقل من 25%.

ورغم كل هذا، يبدو احتمال ظهور حركة حراك جديدة في الجزائر مستبعدا بالنسبة لأولئك الذين يعرفون ديناميكياتها السياسية.

ويختتم فاراند حديثه قائلا: “لا أعتقد أننا سنشهد حراكا جديدا في المستقبل القريب. على الأقل لم تكن هذه هي الطريقة التي سارت بها الديناميكيات السياسية في تاريخ البلاد”.

بسمة العاطي هي مراسلة صحيفة العربي الجديد في المغرب.

تابعها على تويتر: @elattibasma

[ad_2]

المصدر