[ad_1]
يمثل هذا التعداد، الذي تم تأجيله عدة مرات بسبب النزاع ووباء كوفيد-19، علامة بارزة للعراق. (غيتي)
أعلن العراق النتائج الأولية للتعداد الوطني الذي طال انتظاره، وكشفت أن عدد سكان البلاد تجاوز 45 مليون نسمة. ويمثل هذا الإعلان، الذي أصدره رئيس الوزراء محمد شياع السوداني خلال مؤتمر صحفي متلفز يوم الاثنين، أول تعداد سكاني على مستوى البلاد منذ عام 1987 ليشمل إقليم كردستان العراق.
وذكر السوداني أن “عدد سكان العراق بلغ أكثر من 45 مليونا و407 آلاف و895 نسمة، بينهم أجانب ولاجئون”. وأشار كذلك إلى أن سكان الحضر يمثلون 70.3 في المائة من السكان، بينما يعيش 29.7 في المائة الباقون في المناطق الريفية. وجد التعداد أن هناك 7,898,588 عائلة في جميع أنحاء العراق، بمتوسط حجم أسرة يبلغ 5.3 فرد.
تكشف بيانات التعداد الأولية عن رؤى ديموغرافية أساسية حول العراق. ويفوق عدد الذكور عدد الإناث بشكل طفيف، حيث يمثلون 50.1 في المائة من السكان، بينما تمثل الإناث 49.8 في المائة. ويبلغ معدل النمو السكاني في البلاد 2.3%، مما يعكس زيادة مطردة في الأعداد. يسلط الهيكل العمري لسكان العراق الضوء على ديمغرافيته الشبابية، حيث أن 36.1% من السكان تحت سن 15 عامًا، و60.2% في فئة سن العمل، و3.7% فقط يبلغون من العمر 65 عامًا فما فوق.
وعلى صعيد الإسكان والبنية التحتية، كشف رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، أن العراق يمتلك إجمالي 8,037,221 وحدة سكنية. ومن بين هذه المنازل، تم تصنيف 92.1% كمنازل، و6.6% كشقق، و0.4% كبيوت طينية.
تمثل هذه الإحصائيات فرصة للعراق للاستفادة من “موهبته الديموغرافية”، حيث أن 60% من السكان هم في الفئة العمرية الإنتاجية. ومع ذلك، فإنها تشير أيضًا إلى الحاجة الملحة لخلق فرص العمل وتوسيع البنية التحتية لتلبية متطلبات النمو السكاني السريع.
الاختلافات الإقليمية
وفي إقليم كردستان، تشير نتائج التعداد، التي أعلنها وزير التخطيط دارا رشيد، إلى أن عدد السكان يبلغ 6.37 مليون نسمة، أي 14 في المائة من إجمالي سكان العراق. بل إن التحضر أكثر وضوحا، حيث يعيش 84 في المائة منهم في المدن، كما أن متوسط حجم الأسرة أصغر قليلا حيث يبلغ 4.6. ويتوافق معدل النمو في المنطقة الذي يبلغ 2.48 في المائة وأغلبية السكان من الشباب مع الاتجاهات الوطنية، لكنه يؤكد على التحديات المشتركة المتمثلة في البطالة ومتطلبات البنية التحتية.
تم إجراء التعداد السكاني في وقت يواجه فيه العراق تحديات اقتصادية حرجة. ويأتي أكثر من 90 بالمئة من دخل العراق من صادرات النفط، مما يترك اقتصاده عرضة لتقلبات السوق العالمية. وتعتمد البلاد بشكل شبه كامل على الواردات من السلع الأساسية، مما يؤدي إلى تفاقم نقاط الضعف في مواجهة الصدمات الاقتصادية. ولا تزال معدلات البطالة والفقر المرتفعة، التي تفاقمت بسبب الفساد ونفوذ الميليشيات الطائفية، تقوض الحكم وتنفيذ السياسات.
وتؤدي القضايا البيئية إلى تفاقم التحديات التي يواجهها العراق. تعد البلاد من بين الدول الخمس الأكثر تضرراً من تغير المناخ، حيث يهدد الجفاف والتصحر على نطاق واسع مواردها الزراعية والمائية. ولا تزال مستويات التلوث مرتفعة، وقد سلطت التقارير الأخيرة عن الهواء الفاسد في بغداد الضوء على الظروف البيئية المتدهورة. وإذا تركت هذه العوامل دون معالجة، فإنها تخاطر بدفع العراق إلى مزيد من الأزمة.
ولا يزال الأمن غير مستقر، حيث لا يزال تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) نشطاً على الرغم من هزيمته على الأرض. إن التوترات الإقليمية، بما في ذلك التهديدات التي تتعرض لها البنية التحتية النفطية في العراق من جانب إسرائيل، وعدم الاستقرار الذي يشمل البلدان المجاورة، تضيف طبقة أخرى من التعقيد إلى البيئة السياسية الهشة في العراق. وتؤدي هذه المخاوف الأمنية إلى زيادة الضغط على الحكومة المنهكة بالفعل.
الطريق إلى الأمام
ويشدد الخبراء على أن بيانات التعداد السكاني توفر للعراق فرصة حاسمة لتصميم استراتيجيات فعالة للتنويع الاقتصادي، وخلق فرص العمل، والاستدامة البيئية. وقال خالد حيدر، الخبير الاقتصادي الكردي، لـ”العربي الجديد”، إن “من خلال معرفة العدد الدقيق للسكان، تستطيع الحكومة العراقية تصميم خطط خاصة للعديد من الجوانب، أبرزها خطة لتنظيم استيراد البضائع، حيث أن العراق ليس دولة منتجة رئيسية”.
كما توفر بيانات التعداد رؤى حول توزيع القوى العاملة في العراق، والديناميكيات الحضرية والريفية، ومعدلات البطالة، مما يتيح صنع السياسات القائمة على الأدلة. ومع ذلك، فإن نافذة العمل آخذة في التضييق. وبدون إصلاحات فورية لتنويع الاقتصاد، والتخفيف من التدهور البيئي، وتعزيز الحكم، فإن العراق يخاطر بتبديد إمكاناته الديموغرافية وإرثه التاريخي.
وستوفر المرحلة النهائية من التعداد، المقرر إجراؤها خلال شهرين، بيانات أكثر شمولاً عن الصحة والتعليم والتوظيف والإسكان. وهذه المعلومات حيوية لمواجهة التحديات التي يواجهها العراق وإرساء الأساس لمستقبل أكثر استقرارا وازدهارا.
وباعتباره مهد الحضارة، فإن العراق يحمل وعد النهضة – ولكن فقط إذا تمكن من الإبحار عبر تقارب الأزمات التي تهدد تقدمه.
[ad_2]
المصدر