[ad_1]
تشكل التطورات الأخيرة في سوريا مع سقوط نظام بشار الأسد خلال عطلة نهاية الأسبوع تهديدًا خطيرًا للاستقرار الهش في البلاد والوضع الإنساني المتردي.
وجاء سقوط النظام في أعقاب هجوم خاطف شنه مقاتلو المعارضة في شمال البلاد، حيث سيطروا على المدن الاستراتيجية في حلب وحماة، وأبرزها العاصمة دمشق.
ومع ذلك، فإن احتمال تجدد القتال بين المعارضة التي تمثلها هيئة تحرير الشام ومختلف الجماعات المسلحة الأخرى في مناطق مختلفة في الأيام المقبلة يثير مخاوف بشأن المدنيين والعمليات الإنسانية، التي قد تعاني من عواقب كارثية.
وهذا يؤكد الحاجة الملحة لاستخدام كافة الوسائل اللازمة لحماية المدنيين وتسهيل المساعدات الإنسانية الفعالة.
وفي حين نزح أكثر من سبعة ملايين سوري داخليًا في البلاد في عام 2023، فإن 6.3 مليون لاجئ آخرين منتشرون في جميع أنحاء العالم، مما يجعل أزمة النزوح في سوريا واحدة من أكبر الأزمات في التاريخ الحديث. الملايين من المدنيين داخل البلاد في حاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية، ويعانون من انعدام الأمن الغذائي أو على حافة الجوع.
نشرة ميدل إيست آي الإخبارية الجديدة: جيروساليم ديسباتش قم بالتسجيل للحصول على أحدث الأفكار والتحليلات حول إسرائيل وفلسطين، إلى جانب نشرات تركيا غير المعبأة وغيرها من نشرات ميدل إيست آي الإخبارية
ومع أن أكثر من 80% من السكان السوريين يعيشون تحت خط الفقر، فإن معظمهم غير قادرين على تلبية احتياجاتهم الأساسية، مما يؤدي إلى تفاقم المحنة الإنسانية في البلاد.
وكانت هذه الظروف القاسية موجودة حتى قبل التصعيد الأخير، الأمر الذي لن يؤدي إلا إلى تفاقم الأمور، مع توقع نزوح مئات الآلاف من الأشخاص، واحتياج ما لا يقل عن مليوني شخص في إدلب وحلب إلى المساعدة الإنسانية.
ونظراً للمسار الحالي، فمن المرجح أن تتوسع الكارثة الإنسانية إلى مناطق أخرى، مما يجعل الاستجابة الإنسانية الفعالة أولوية قصوى.
الفراغ السياسي
ومن المتوقع حدوث المزيد من الاشتباكات في الأيام المقبلة، مع الإطاحة بالنظام السوري، مما سيدخل سوريا إلى واقع جديد بعد 54 عاماً من حكم الأسد.
هناك مخاوف ومخاوف متزايدة بشأن السيناريو الذي من المرجح أن تندلع فيه اشتباكات بين مقاتلي المعارضة والجماعات المسلحة الأخرى، وخاصة قوات سوريا الديمقراطية، مما يزيد من تعقيد الوضع.
ووسط الفراغ السياسي الذي تشهده البلاد، سيتولى رئيس الوزراء السوري السابق قيادة مؤسسات الدولة حتى تشكيل حكومة جديدة، وهو ما سيستغرق عدة أشهر لتحقيق هذا التحول. وهذا يزيد من فرص قوات سوريا الديمقراطية والفصائل المسلحة الأخرى في زيادة هجماتها، والسعي لتوسيع المناطق الخاضعة لسيطرتها في سوريا.
ومن شأن هذا التطور أن يشكل عائقًا كبيرًا أمام المنظمات الإنسانية لمواصلة عملياتها، حيث أن قدرتها على الوصول محدودة إلى السكان المتضررين، ويمكن أن تصبح هي نفسها أهدافًا.
ما التالي بالنسبة لتركيا في سوريا؟
اقرأ المزيد »
حتى الآن، على الرغم من الجهود الدولية لتلبية احتياجات السكان المتضررين في شمال سوريا وفي جميع أنحاء البلاد، لا تزال الاستجابة الإنسانية غير كافية.
وبسبب تصاعد العنف واستمرار تسييس وعسكرة المساعدات، أدى الافتقار إلى بيئة آمنة ومواتية للأنشطة الإنسانية إلى تقويض فعالية عمليات الإغاثة بشكل كبير. منذ 27 تشرين الثاني/نوفمبر، علقت 30 منظمة إنسانية غير حكومية في إدلب عملها وسط تدهور الأوضاع.
تواجه المجموعات الإنسانية أيضًا نقصًا في التمويل لأنشطة المساعدات في سوريا، يتفاقم بسبب عوامل مثل إجهاد الجهات المانحة، الأمر الذي ترك العديد من المنظمات تكافح من أجل الحفاظ على عملياتها، أو تضطر إلى إعطاء الأولوية لمجموعات سكانية واحتياجات معينة على حساب الآخرين.
وتشمل العوامل الأخرى التي قوضت الجهود الإنسانية في سوريا غياب المنظمات الدولية في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة؛ القيود المفروضة على الوصول؛ وضعف التنسيق الإنساني؛ والبيروقراطية المفرطة في العمل الإنساني.
وهذا يغذي حلقة مفرغة من عدم الاستقرار، حيث تدفع الاستجابة الإنسانية غير الفعالة الناس إلى اعتماد آليات تكيف ضارة يمكن أن تلحق المزيد من الضرر بالمجتمع السوري.
السكان الضعفاء
مع انخفاض الاهتمام الدولي بالحرب السورية وسط صراعات عالمية أخرى، وبسبب عدم رغبة الأطراف المتصارعة في الانخراط في الدبلوماسية، يبدو العمل الإنساني في البلاد غير فعال على نحو متزايد. وشهد هذا العام انخفاضا بنسبة 80 بالمئة في المساعدات الغذائية في جميع أنحاء سوريا، وفقا لمكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة.
ونتيجة لذلك، برزت الجهات الفاعلة المحلية باعتبارها جهات فاعلة رئيسية في تلبية احتياجات الفئات السكانية الضعيفة، خاصة وأن هذه الكيانات غالبا ما يكون لديها فهم أفضل للسياق الذي تعمل فيه. ومع ذلك، فإنهم يواجهون العديد من التحديات.
لا يستطيع السوريون تحمل عقد آخر من العنف واليأس
اقرأ المزيد »
وبالتالي فإن التحول نحو العمل الإنساني الملائم للسياق أمر ضروري، مع التركيز على ديناميكيات القوة المتطورة للصراع. ويجب أن تكون حماية المدنيين ورفاههم في صلب هذه الاستراتيجية.
لا يتنافس مقاتلو المعارضة وقوات سوريا الديمقراطية على السلطة فحسب، بل على الشرعية أيضاً – ومع ذلك، فإنهم لا يميلون إلى الثقة في وجود المنظمات الإنسانية المحلية والدولية.
إن إشراك كلا الجانبين في الجهود الإنسانية، ومنحهما المسؤولية عن مساعدة السكان في المناطق الخاضعة لسيطرتهما، يمكن أن يؤدي إلى مكسب عملي للجانبين من خلال ضمان درجة معينة من الشرعية لهذه الجهات الفاعلة، في حين إنهاء حالة الشلل الإنساني للمدنيين.
ولا يشير هذا النهج إلى ضرورة دمج الأطراف المشاركة في النزاعات المسلحة دائمًا في النظام الإنساني الدولي. بل إن التطورات الأخيرة في سوريا تتطلب استجابة عملية واستراتيجيات واقعية لضمان وصول المساعدات الإنسانية لجميع المدنيين، في مواجهة الظروف المتزايدة التعقيد.
الآراء الواردة في هذا المقال مملوكة للمؤلف ولا تعكس بالضرورة السياسة التحريرية لموقع ميدل إيست آي.
[ad_2]
المصدر