[ad_1]
من الحماقة أن نأمل في نجاح إسرائيل في التسبب في انهيار السلطة الفلسطينية. فهذا لا يخدم إلا مصلحة الاحتلال في سحق النضال الوطني الفلسطيني، كما يقول عبد الحليم عبد الرحمن (حقوق الصورة: Getty Images)
على الرغم من قيام إسرائيل بقتل أكثر من 38700 فلسطيني في غزة، إلا أن السلطة الفلسطينية لا تزال غير مرئية.
في مواجهته للفساد، والشلل السياسي الناجم عن فرضه لنفسه، وخسارة شعبيته أمام منافسيه حماس، يستخدم وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش غطاء الإبادة الجماعية في غزة لمعاقبة السلطة الفلسطينية، وتوسيع المستوطنات، وإضفاء الشرعية على البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية لإخضاع رام الله؛ مما أثار استياء الولايات المتحدة.
لقد استقبل الفلسطينيون احتمالات سقوط السلطة الفلسطينية بشكل إيجابي. فوفقاً للمركز الفلسطيني للبحوث والدراسات السياسية، فإن أكثر من 60% من الفلسطينيين يؤيدون حل السلطة الفلسطينية. ولكن هناك فرق كبير بين حل الفلسطينيين للسلطة الفلسطينية وانهيار إسرائيل لها.
في حين أن الفلسطينيين يقومون بحل السلطة الفلسطينية لإعادة ضبط حركتهم الوطنية وبث حياة جديدة في النظام السياسي الفلسطيني المشوه، فإن تدمير إسرائيل المتعمد للسلطة الفلسطينية هو محاولة لإشعال سلسلة من الأحداث الكارثية التي تهدف إلى ضم الأراضي المحتلة بشكل دائم لحل الحركة الوطنية الفلسطينية.
إن هذا هو ما يحدث بالفعل، وهو ما لن يخدم التطلعات الفلسطينية. وسيكون من قبيل العبث أن نأمل في أن تتسبب إسرائيل في انهيار السلطة الفلسطينية.
هل تستطيع السلطة الفلسطينية منع إسرائيل من سرقة الضفة الغربية؟
ورغم أن عيوب السلطة الفلسطينية معروفة، فإن شرعيتها الدولية تشكل نعمة كبيرة بالنسبة لها. وربما يزعم البعض أن هذا هو السبب الذي يجعل إسرائيل تخشى هذه السلطة إلى هذا الحد.
لقد ساعدت أفعالهم في الأمم المتحدة الفلسطينيين على الحصول على وضع الدولة غير العضو. وعلى الرغم من أن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رفض باستمرار مسعى الفلسطينيين للحصول على العضوية الكاملة، فإن المبادرة وحدها تظهر إمكانية مكافحة الاحتلال الإسرائيلي وتعزيز النضال الفلسطيني على المستوى الدولي من خلال ترسيخ فلسطين كمفهوم قانوني؛ وهي أداة لا تزال مفيدة لجهود التحرير الفلسطينية.
وفيما قد يكون أهم مساهماته، وقع محمود عباس على نظام روما في عام 2014، مما أعطى السلطة الفلسطينية القدرة على ملاحقة إسرائيل بتهمة ارتكاب جرائم حرب من خلال المحكمة الجنائية الدولية.
ورغم أن عباس وأنصاره رفضوا في البداية التوقيع على النظام الأساسي، فإن قيامهم بذلك عن غير قصد أصبح القرار الأكثر أهمية في فترة ولايته المضطربة.
والآن، ومع مخاوف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت من صدور أوامر اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية، فإن قدرة رام الله على الوصول إلى المؤسسات العالمية هزت الاحتلال، وهي واحدة من الأسباب الرئيسية التي تجعل إسرائيل تسعى إلى تدمير السلطة الفلسطينية.
وهناك جانب آخر يتم تجاهله في سعي إسرائيل إلى تدمير السلطة الفلسطينية، ويتمثل في حقيقة أن النظام الحالي يرغب في خلق فراغ في السلطة في الضفة الغربية.
وتأمل إسرائيل أن يؤدي انهيار السلطة الفلسطينية إلى إحداث حالة من الفوضى والاضطراب، وفي المقابل، ستستغل إسرائيل هذا الأمر بحجة الأمن لضم الضفة الغربية واحتلالها رسميًا.
ورغم أن الضم الفعلي للضفة الغربية يحدث بالفعل، فإن إسرائيل التي تستوعب الفلسطينيين رسميا في غياب السلطة الفلسطينية التي توفر لهم الخدمات المدنية مثل الرعاية الصحية والأمن والتعليم سوف تنحصر في إسرائيل.
ونظراً للطبيعة المتطرفة لحكومة إسرائيل، فمن المرجح أن تتجاهل مثل هذه الواجبات لجعل الظروف المعيشية في الضفة الغربية لا تطاق من أجل تسريع التطهير العرقي لمجموعة من الناس يعتبرونها عبئاً ديمغرافياً.
الطريق إلى فلسطين
ورغم أن مثل هذه الحقائق تبدو محبطة الآن، فإن الأمور تتغير. إذ تدرك إسرائيل أن القضية الفلسطينية لن تختفي في أي وقت قريب، وهي حقيقة سياسية يصعب عليها التعامل معها.
إن القضية الفلسطينية التي كانت في السابق قضية خاملة أصبحت الآن أكثر شعبية من أي وقت مضى. فقبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول، كانت القضية الفلسطينية قد فقدت أهميتها على ما يبدو في نظر الولايات المتحدة والشرق الأوسط. وفي الصيف الماضي، كانت إسرائيل والمملكة العربية السعودية على وشك تطبيع العلاقات، الأمر الذي قد يترك الفلسطينيين بلا دولة ولا سبيل إلى أي سبيل آخر.
كانت اتفاقيات إبراهيم، وهي مبادرة إقليمية أخرى مصممة لتجاوز الفلسطينيين، تسير على قدم وساق. لكن النغمة مختلفة الآن. فقد أدت المظاهرات والمخيمات في الحرم الجامعي الأميركي إلى ترسيخ فلسطين في وعي العالم، والآن تعترف 143 دولة بفلسطين كدولة.
إن انهيار السلطة الفلسطينية قد يخنق الزخم الجديد الذي يدفع القضية إلى الأمام. فحتى لو كانت السلطة الفلسطينية كياناً غير فعال في الوقت الحالي، فإن وجودها لا يزال رمزاً للتقدم والشرعية التي اكتسبها الفلسطينيون بشكل طبيعي. وعلى هذا فإن الأمل في أن تنجح إسرائيل في التسبب في انهيار السلطة الفلسطينية هو أمل ضيق الأفق. فهذا لا يخدم إلا مصلحة الاحتلال في سحق النضال الوطني الفلسطيني.
وعلى نفس القدر من الأهمية، من المهم أن نلاحظ أن الحركات الوطنية لا تتجسد بين عشية وضحاها. فبعد النكبة في عام 1948، استغرق تشكيل منظمة التحرير الفلسطينية ستة عشر عاماً، وبضعة أعوام أخرى حتى اكتسبت استقلالها السياسي الفعلي، وثلاثين عاماً أخرى قبل إنشاء السلطة الفلسطينية.
إن الحوار ينبغي أن ينصب على خلق حركة جديدة قادرة على استبدال السلطة الفلسطينية، وليس على الأمل في أن تكسرها إسرائيل. وفي ظل الوضع الحالي، فإن الافتقار إلى بديل قابل للتطبيق للسلطة الفلسطينية من شأنه أن يعوق هذه القضية إلى الأبد.
عبد الحليم عبد الرحمن هو صحفي فلسطيني مستقل، نُشرت أعماله في The Hill وMSN وLa Razon.
تابعوه على X: @AbdelA1924
هل لديك أسئلة أو تعليقات؟ راسلنا على البريد الإلكتروني: editorial-english@newarab.com
الآراء الواردة في هذه المقالة تظل آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة آراء العربي الجديد أو هيئته التحريرية أو العاملين فيه.
[ad_2]
المصدر