خارطة طريق للمرحلة الانتقالية في سوريا ما بعد الأسد

خارطة طريق للمرحلة الانتقالية في سوريا ما بعد الأسد

[ad_1]

توفر المرحلة الانتقالية فرصة تاريخية لإعادة بناء سوريا على أساس الديمقراطية والعدالة والشمولية، حسبما كتب المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات (مصدر الصورة: غيتي إيماجز)

مع سقوط نظام الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، اتخذ الشعب السوري خطوة هائلة نحو الخروج من فصل مظلم في تاريخه الحديث.

إنهم يقفون الآن على عتبة مرحلة انتقالية حرجة تهدف إلى إعادة بناء الدولة السورية بعد عقود من الحكم الاستبدادي و14 عاماً من التضحيات.

لقد أظهرت هذه التضحيات تطلعات الشعب السوري إلى الحرية والكرامة، وتركت أثراً عميقاً في بنية الدولة والنسيج الاجتماعي للأمة.

وتمثل هذه المرحلة الانتقالية فرصة لوضع أسس نظام سياسي جديد.

ولا يسعى مثل هذا النظام إلى تجاوز النظام الاستبدادي الذي حكم سوريا لأكثر من نصف قرن فحسب، بل يهدف أيضًا إلى منع ظهور أي شكل من أشكال الاستبداد في المستقبل.

وستكون متجذرة في مبادئ الحكم الرشيد والمشاركة الشعبية واحترام حقوق المواطنين وحرياتهم، والتعددية السياسية والثقافية والدينية والطائفية المتأصلة في المجتمع السوري.

لكن المرحلة الانتقالية تأتي مصحوبة بتحديات كبيرة، من بينها ضعف وانهيار مؤسسات الدولة، ولا سيما الأجهزة العسكرية والأمنية، وانعدام الثقة العميق بين مختلف الفئات الاجتماعية، والتدخلات الخارجية والهجمات الإسرائيلية على الأراضي السورية.

وللتغلب على هذه التحديات، لا بد من خطة واضحة ومنظمة بشكل جيد. أولاً، ستحتاج سوريا إلى تشكيل هيئة حكم انتقالية، وهي خطوة أساسية. وبدون مثل هذه الهيئة، سيكون من الصعب ضمان اتخاذ القرار المشروع خلال المرحلة الانتقالية أو توفير الشرعية القانونية اللازمة للحكم.

وستتكون هذه الهيئة من شخصيات عسكرية ومدنية يتم اختيارها بناء على معايير واضحة لضمان الكفاءة والقدرة على مواجهة تحديات هذه المرحلة الحرجة. وسوف يعكس تكوينها الجهود التعاونية لكل من: المقاتلون الذين لعبوا دورًا رائدًا في هزيمة نظام الأسد والإطاحة به؛ التكنوقراط من ذوي الخبرة ذات الصلة، والسياسيين الذين يتمتعون بدعم شعبي واسع، وخاصة أولئك الذين عارضوا نظام الأسد بشكل نشط.

وسيترأس المجلس قائد العمليات العسكرية، نظرا لدوره الحاسم في إدارة المرحلة الانتقالية.

طي الصفحة: طريق سوريا إلى الاستقرار والتجديد

وستتولى هذه الهيئة الانتقالية عدة مسؤوليات، منها: ضمان الأمن والاستقرار من خلال وضع إطار لإعادة الهيكلة المهنية للأجهزة الأمنية. إعادة بناء الجيش الوطني من خلال الإشراف على جمع الأسلحة من الفصائل المسلحة ودمج أعضائها في الجيش الوطني المشكل حديثاً؛ إدارة الشؤون الخارجية من خلال الإشراف على وزارة الخارجية وإعطاء الأولوية لإقامة علاقات دولية تخدم المصالح الوطنية السورية، والإشراف على حكومة تصريف الأعمال من خلال الإشراف على تشكيل حكومة مؤقتة مسؤولة عن إدارة الدولة اليومية، وتوفير الخدمات الأساسية، والحفاظ على حماية.

وستكون الهيئة الانتقالية أيضًا مسؤولة عن الواجبات التشريعية، بما في ذلك ممارسة سلطة تشريعية استثنائية لمعالجة الإرث القانوني للنظام السابق.

ويشمل ذلك: إصدار إعلان دستوري مؤقت؛ وإلغاء القوانين القمعية، مثل تشريعات الطوارئ ومكافحة الإرهاب، وإلغاء أي أحكام تمنح الحصانة للموظفين العموميين، وضمان المساءلة؛ سن التشريعات الانتقالية، مثل القوانين التي تنظم الانتخابات والأحزاب السياسية؛ وإنشاء لجنة وطنية للعدالة الانتقالية؛ وصياغة التشريعات التأسيسية لإعادة هيكلة المؤسسات الأمنية والقضائية بما يضمن حيادها واستقلالها.

سيتم الاسترشاد في اختيار ومعايير أعضاء الهيئة الانتقالية بالمبادئ التالية.

أولاً: الكفاءة المهنية والخبرة. ويجب أن يتمتع الأعضاء بالخبرة في الإدارة والأمن والعلاقات الدولية، وقدرة مثبتة على العمل في ظل الظروف الاستثنائية. ثانيا، النزاهة والاستقلال. ويجب أن تكون سجلات الأعضاء نظيفة، وخالية من الفساد أو التورط في قيادة النظام السابق.

اشترك الآن واستمع إلى ملفاتنا الصوتية على

ثالثاً، الالتزام بالمبادئ الثورية الداعمة لقيم الحرية والكرامة والعدالة التي حفزت الثورة السورية. رابعاً، التمثيل الوطني: ضمان تمثيل متنوع لجميع الطوائف والفئات المجتمعية السورية.

خامساً: التمسك بالقيم الديمقراطية. ويجب على الأعضاء احترام سيادة القانون والتعددية السياسية، مع العمل بنشاط على تعزيز المشاركة الوطنية الواسعة.

وأخيرًا، المرونة والعمل الجماعي. يجب على الأعضاء إثبات القدرة على التعاون بفعالية ضمن فريق متنوع ومتعدد التخصصات.

لاختيار الأعضاء سيتم اعتماد الطرق التالية. أولاً، التوافق والمشاورات التي تتم فيها نقاشات مكثفة بين القوى الوطنية، بقيادة قيادة العمليات العسكرية، للوصول إلى توافق واسع. وثانياً، لجان التوصية التي تنشئ لجاناً للتحقق من أوراق اعتماد المرشحين وخبراتهم المهنية.

وستلعب حكومة تصريف الأعمال، التي تشرف عليها الهيئة الانتقالية، دوراً محورياً في استقرار حياة المواطنين وإرساء الأساس لإعادة إعمار سوريا على أساس سليم.

وستركز أهداف حكومة تصريف الأعمال على: أولاً، الإدارة اليومية للدولة، والإشراف على الخدمات الأساسية، وتوفير السلع الأساسية، وإنعاش القطاعات الحيوية مثل الصحة والتعليم. ثانياً، إعادة تأهيل البنية التحتية من خلال إعادة بناء المرافق الأساسية مثل شبكات المياه والكهرباء.

ثالثا، ستتولى حكومة تصريف الأعمال مسؤولية إعادة التنظيم المؤسسي من خلال تعزيز كفاءة وشفافية المؤسسات الحكومية لضمان المساواة في الوصول إلى الخدمات في جميع المناطق. وسيكون أيضًا مسؤولاً عن جهود الإغاثة الطارئة من خلال تلبية احتياجات النازحين والفئات الضعيفة من خلال توفير المأوى والغذاء والرعاية الصحية.

وأخيراً، سيتم تكليف حكومة تصريف الأعمال بتوفير الأسس الاقتصادية لإعادة الإعمار من خلال وضع سياسات لمكافحة التضخم، والحد من البطالة، وإنعاش الزراعة؛ مشاريع إعادة الإعمار، بما في ذلك إطلاق مبادرات لإعادة بناء الطرق والجسور والمدارس والمستشفيات؛ وإنعاش القطاع الاقتصادي من خلال دعم استئناف الأنشطة الصناعية والزراعية لضمان الأمن الغذائي والانتعاش الاقتصادي؛ والتماسك الاجتماعي والمشاركة السياسية من خلال تعزيز الشمولية وحرية التعبير والمشاركة النشطة للمواطنين في صنع القرار.

بالنسبة للسوريين الذين بنوا حياة جديدة في أوروبا، فإن تعليق اللجوء يهدد مستقبلهم الآن

“موت بلا دماء”: السوريون يتصارعون مع إرث هجمات الأسد الكيميائية

سوريا تستيقظ من كابوسها الأسدي. ولكن ماذا يأتي بعد ذلك؟

يمتزج الرعب بالأمل بعد انهيار الحالة السجونية في سوريا

وسيكون الإعلان الدستوري بمثابة مرجعية قانونية خلال المرحلة الانتقالية. وسيحدد حقوق المواطنين، وينشئ آليات رقابية، ويمنح الهيئة الانتقالية صلاحيات تشريعية استثنائية.

كما ستنظم الهيئة الانتقالية مؤتمرا وطنيا شاملا لتوحيد الجهود الوطنية وتحديد مستقبل سوريا. وسيجمع هذا المؤتمر ممثلين عن جميع الفئات المجتمعية والكيانات السياسية ومنظمات المجتمع المدني لصياغة رؤية مشتركة لإعادة إعمار سوريا.

إن صياغة دستور جديد هي خطوة أساسية في بناء دولة ديمقراطية قائمة على القانون وتضمن العدالة والشمولية لجميع السوريين. سيقوم الدستور بما يلي: تحديد هيكل الدولة ومؤسساتها؛ ضمان فصل السلطات والتداول السلمي للسلطة؛ حماية حقوق الإنسان وضمان المساواة والمشاركة لجميع مكونات المجتمع؛ وإنشاء آليات للعدالة الانتقالية والمصالحة.

وستكون الانتخابات الحرة والنزيهة بمثابة ذروة المرحلة الانتقالية، وتضفي الشرعية على القيادة الجديدة وتطلق حقبة مستقرة من الحكم.

توفر المرحلة الانتقالية فرصة تاريخية لإعادة بناء سوريا على أساس الديمقراطية والعدالة والشمولية. ويعتمد نجاحها على الوحدة الوطنية، والاستراتيجيات الواضحة، والدعم الدولي، مما يمهد الطريق في نهاية المطاف لمستقبل مزدهر ومستقر لجميع السوريين.

المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات هو معهد مستقل للعلوم الاجتماعية والإنسانية يقوم بإجراء البحوث التطبيقية والنظرية التي تسعى إلى تعزيز التواصل بين المثقفين والمتخصصين العرب والمراكز الفكرية العالمية والإقليمية.

تابعوا المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات على X: @ArabCenter_ar/@ArabCenter_en

هل لديك أسئلة أو تعليقات؟ راسلنا عبر البريد الإلكتروني على العنوان التالي: editorial-english@newarab.com

الآراء الواردة في هذا المقال تظل آراء المؤلف ولا تمثل بالضرورة آراء العربي الجديد أو هيئة تحريره أو طاقمه.

[ad_2]

المصدر