[ad_1]
لقد أصبح سجن الحوت الواقع في مدينة الناصرية جنوب العراق بمثابة نقطة محورية لهذه الإعدامات السرية. (جيتي)
تواصل السلطات العراقية تنفيذ إعدامات سرية في انتهاك لدستور البلاد، بهدف التهرب من رقابة الفصائل السياسية ومنظمات حقوق الإنسان، بحسب مسؤولين عراقيين.
وقد أثارت هذه الإعدامات جدلاً واسع النطاق، ولفتت انتباه منظمات حقوق الإنسان الدولية، وأثارت مناقشات حول العدالة والشفافية في العراق. وقد أثارت الطبيعة السرية لهذه الإعدامات، التي أجريت دون الإعلان عنها علناً كما يقتضي الدستور العراقي، مخاوف جدية بشأن نزاهة وقانونية هذه المحاكمات، فضلاً عن ظروف احتجاز السجناء.
وتشير التقارير إلى أن العديد من المدانين اتُهموا بناءً على شكاوى من عملاء سريين، وكثيراً ما كانت الاتهامات كاذبة نابعة من دوافع طائفية. ونتيجة لهذا فإن أغلبية السجناء ينتمون إلى الطائفة السنية العربية.
لقد أصبح سجن الحوت الواقع في مدينة الناصرية جنوب العراق بؤرة لهذه الإعدامات السرية. ويضم السجن نحو 40 ألف سجين، وهو أكبر سجن في العراق بعد إغلاق سجن أبو غريب. وقد أطلق عليه المراقبون لقب “السجن سيئ السمعة” بسبب الانتهاكات العديدة والوفيات الناجمة عن التعذيب والضرب وسوء التغذية وتفشي الأمراض.
وقال مسؤول في وزارة العدل العراقية، طلب عدم ذكر اسمه، لـ«العربي الجديد»، إن «أغلب عمليات الإعدام تتم في سجن الحوت في الناصرية، بإشراف وزارة العدل، وعلى دفعات، وكل دفعة تضم ثمانية محكومين يتم إدخالهم إلى غرفة الإعدام معاً».
وجهت الحكومة بأن تكون عمليات الإعدام هذه سرية لتجنب الانتقادات السياسية وحقوق الإنسان، على الرغم من الأحكام القانونية التي تتطلب إخطار عائلة المحكوم عليه قبل الإعدام.
وأكد موظف آخر في قسم الإعدام بوزارة العدل أن الوزارة جهة تنفيذية تتلقى وثائق موقعة من مكتب الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد الذي يجيز عمليات الإعدام، وتتم هذه العمليات بناء على توصيات حكومية، ويتم إخطار ذوي المتوفين باستلام الجثث من دائرة الطب العدلي في نفس يوم الإعدام.
وفي الحادي عشر من مايو/أيار، أكدت وزارة العدل العراقية التزامها بمعايير حقوق الإنسان في عمليات الإعدام الأخيرة بموجب قانون الإرهاب، مشيرة إلى أنها نهائية قانونياً وصادقت عليها رئاسة الجمهورية. وقال المتحدث باسم الوزارة أحمد لعيبي عبد الحسين إن الجرائم شملت الخطف والقتل وزرع العبوات الناسفة.
وقد وثقت منظمة “آفاد” المستقلة التي تراقب انتهاكات حقوق الإنسان في العراق، مؤخراً 63 حالة إعدام سرية. ووفقاً لدستور العراق لعام 2005، فإن مثل هذه الإعدامات محظورة، كما أن توقيع مراسيم الإعدام من صلاحيات رئيس العراق الحصرية. وقد نُفذت هذه الإعدامات، التي استهدفت بشكل خاص الأفراد المدانين بتهم تتعلق بالإرهاب، في سجن الناصرية.
وفي أبريل/نيسان، أدانت منظمة العفو الدولية الافتقار إلى الشفافية ودعت السلطات العراقية إلى وقف جميع عمليات الإعدام على الفور. وأعربت منظمة العفو الدولية عن قلقها إزاء المزيد من عمليات الإعدام السرية المحتملة، مشيرة إلى إعدام 13 رجلاً في 25 ديسمبر/كانون الأول 2023، وهو ما يمثل أول إعدام جماعي مسجل منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2020. وحثت منظمة العفو الدولية الحكومة العراقية على وقف عمليات الإعدام والعمل على إلغاء عقوبة الإعدام بالكامل.
ويشتهر سجن الحوت بالعديد من الانتهاكات، بما في ذلك التعذيب والضرب وسوء التغذية وتفشي الأمراض. وقد أدت هذه الظروف إلى وفاة العديد من السجناء، مما أدى إلى تفاقم الجدل. وكشف أحمد عبد، عضو مرصد آفاد لحقوق الإنسان، عن انتهاكات كبيرة في عملية الإعدام، بما في ذلك إعدام الأفراد الذين يعانون من مشاكل صحية خطيرة ومن هم فوق 75 عامًا، دون إخطار أسرهم حتى يوم الإعدام.
وتسبق عمليات الإعدام السرية جهود القوى السياسية العربية السنية لإقرار قانون عفو عام، بهدف توفير الظروف القانونية لإعادة المحاكمات وضمان العدالة القضائية. إلا أن هذا يواجه عقبات كبيرة من قبل الأحزاب المتحالفة مع إيران. ومن المقرر أن يبدأ البرلمان العراقي دورته التشريعية الجديدة، حيث يدعو نواب الكتلة العربية السنية إلى إقرار مشروع قانون العفو العام.
قال المحلل السياسي اياد الدليمي إن موقف الرئيس العراقي من توقيع أحكام الإعدام يثير الكثير من التساؤلات، خاصة أن الرؤساء السابقين امتنعوا عن التوقيع بسبب مخاوف من انتزاع اعترافات منهم تحت التعذيب.
وقال الدليمي “ان الرئيس عبد اللطيف استسلم سريعا للضغوط الحزبية التي طالبت بحل قضايا السجناء والمحكومين بالاعدام مشيرا الى ان نحو ثمانية الاف سجين محكوم عليهم بالاعدام ينتظرون تنفيذ حكم الاعدام في العراق. ويتحمل الرئيس المسؤولية عن فشله في مقاومة هذه الضغوط وعدم مراجعة احكام مئات السجناء الذين تم اعدامهم والتي اعتبرت على نطاق واسع غير عادلة”.
[ad_2]
المصدر