الحرب على غزة تجبر الفلسطينيين على شرب المياه الملوثة

الحرب على غزة تجبر الفلسطينيين على شرب المياه الملوثة

[ad_1]

ويكافح الفلسطينيون لتوفير مياه الشرب النظيفة في كافة أنحاء القطاع الساحلي الذي مزقته الحرب، والذي تحاصره إسرائيل وتستهدفه.

تتزايد الحاجة إلى المياه بشكل كبير مع ارتفاع درجات الحرارة في الصيف.

تتفاقم أزمة المياه في قطاع غزة يوماً بعد يوم، بسبب الحرب المستمرة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

ويواجه السكان المحليون في القطاع الساحلي أزمة صحية بسبب قرار إسرائيل في بداية الحرب قطع إمدادات الكهرباء والمياه والوقود عن القطاع.

يضطر محمد الجمالي، وهو فلسطيني مقيم في غزة، إلى الاستيقاظ مبكرًا كل يوم للانتظار لساعات في طابور طويل ومزدحم من أجل ملء بضعة جالونات من الماء المالح.

وكثيرا ما يتخلل الانتظار مشادات كلامية بين المواطنين المتسابقين للحصول على المياه.

وقال والد لأربعة أطفال يبلغ من العمر 35 عاماً لـ«العربي الجديد»: «أقف هنا للحصول على القليل من الماء المالح للشرب واستخدامه في غسل أيدينا ووجوهنا».

ويقول “في الوقت الحالي ليس لدينا أي حل سوى استخدام هذه المياه للشرب والاستخدام البشري، خاصة أن معظم الآبار الجوفية وموارد المياه تضررت بسبب الحرب”.

ولكي يصبح الماء “صالحاً إلى حد ما” للشرب، يقوم الجمالي بغليه. وتستغرق عملية غلي الماء في كثير من الأحيان نحو ساعة وتتطلب استخدام الخشب ـ وهو ما يكلف عادة أكثر من دولارين.

ويتذكر الجمالي أنه في الماضي كان بإمكانه الحصول على ألف لتر من المياه المحلاة بحوالي 15 دولاراً، وكانت معظم المياه التي تصل إلى المنازل صالحة للاستخدام المنزلي.

والآن يشتكي الجمالي قائلاً: “أقضي في كثير من الأحيان ساعات طويلة في الحصول على مياه مالحة غير صالحة للشرب أو الاستخدام البشري”.

نفس الظروف الصعبة يعيشها الطفل كمال عبد الهادي من مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، حيث يضطر للسير خمسة كيلومترات يومياً للوصول إلى أقرب مكان لتوزيع المياه المالحة.

وعادة ما يغادر الصبي البالغ من العمر 14 عاما خيمته على شاطئ النصيرات في الصباح الباكر حتى يتمكن من حجز دوره وإحضار المياه إلى عائلته قبل الظهر.

وقال لوكالة الأنباء الوطنية: “عندما أخرج من الخيمة أشعر بخوف شديد بسبب وجود طائرات إسرائيلية بدون طيار في كل مكان، وأخشى أن تقوم تلك الطائرات بقصف المكان الذي أتواجد فيه”.

لكن الطفل يضيف: “إذا لم نحضر الماء لأمي، سيموت إخوتي من العطش. ليس لدينا الكثير من الخيارات، كل شيء صعب هنا في غزة بسبب الحرب الإسرائيلية المستمرة”.

طفل يحمل الماء بينما تفر الأسر الفلسطينية من هجمات الجيش الإسرائيلي، وتعيش في خيام على جانب الطريق في ظل ظروف قاسية في دير البلح، غزة، في 3 أغسطس/آب 2024. ارتفاع درجات الحرارة وانتشار الأوبئة يؤديان إلى تفاقم الوضع (غيتي) تسارع أزمة الجوع والعطش

منذ بداية الصراع، استهدف الجيش الإسرائيلي بشكل منهجي ودمر جزءًا كبيرًا من البنية التحتية في قطاع غزة، وخاصة أنابيب المياه والآبار الجوفية.

وتهدف هذه الاستراتيجية، كما وصفها حسني مهنا، منسق اتحاد بلديات قطاع غزة، إلى فرض التجويع والعطش على الشعب الفلسطيني.

وأضاف مهنا لوكالة الأنباء الرسمية (تينا) أن “بلديات قطاع غزة تواجه تحديات كبيرة في ضخ المياه من الآبار الجوفية إلى منازل المواطنين الفلسطينيين، بسبب نقص الوقود واستهداف الاحتلال الإسرائيلي لمرافق المياه”.

ويشير مهنا إلى أن حصة الفرد من المياه في شمال غزة انخفضت إلى لترين يومياً، بعد أن كانت 90 لترا قبل الحرب الإسرائيلية، وهو ما يفاقم معاناة المواطنين، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة.

وحذر مهنا من تفاقم أزمة الجوع والعطش في قطاع غزة المحاصر، معرباً عن خشيته من ارتفاع أعداد الفلسطينيين الذين ستزهق هذه الأزمة أرواحهم.

ويضيف مهنا أن ما يزيد الطين بلة هو أن أغلب السكان يعيشون في خيام تفتقر إلى المرافق السكنية الأساسية. ويؤدي عدم وجود دورات مياه إلى إجبار السكان على قضاء حاجتهم في العراء، مما يتسبب في امتصاص التربة للبول والبراز، مما يؤدي إلى تلوث آبار المياه الجوفية المتبقية.

أطفال فلسطينيون يبحثون عن الطعام بين القمامة بسبب نقص الغذاء الكافي والمياه النظيفة وسط الهجمات الإسرائيلية في دير البلح بغزة، 15 يوليو 2024 (جيتي) “الصراخ من الألم”

رغم ارتفاع أسعار المياه المعدنية في أسواق غزة، تضطر أمينة العبد إلى شرائها حفاظاً على صحتها، فهي تعاني من مرض الكلى في كليتها اليمنى، وكليتها اليسرى لا تعمل إلا بنسبة 60% من قدرتها.

لذلك تتخذ أمينة الاحتياطات اللازمة لتجنب المضاعفات الطبية، خاصة في ظل ندرة الأدوية الأساسية والمستلزمات الطبية في المستشفيات في حال احتاجت إلى زيارة الطبيب.

وقالت “أحتاج إلى نحو 15 دولارا يوميا لشراء المياه المعدنية للشرب والطهي، بينما تعتمد عائلتي على المياه المالحة. وكثيرا ما أشعر بالحرج لأنني أشتري المياه المعدنية بأسعار باهظة بينما أطفالي يتضورون جوعاً، لكنني لا أريد أن أموت من مرض الكلى”.

ورغم احتياطاتها وإجراءاتها الوقائية الصارمة، لا تزال أمينة تعاني من أعراض مثل ارتفاع درجة الحرارة وتشنجات شديدة وضعف عام.

وأضافت “كنت أصرخ من شدة الألم ولم أعرف السبب فذهبت إلى المستشفى لمعرفة سبب هذا الألم الذي لا يطاق”.

بعد ساعات من الانتظار في المستشفى، أصيبت أمينة بالصدمة عندما اكتشفت أن المياه المعدنية التي كانت تشربها ملوثة وغير صالحة للاستهلاك البشري.

وبحسب الطبيب فإن المياه المعدنية غير صالحة للشرب بسبب تعرضها لأشعة الشمس لفترات طويلة ما أدى إلى تفاعلها مع الزجاجة البلاستيكية، إضافة إلى انتهاء صلاحيتها.

وأكدت أمينة أن النضال لا يقتصر على مياه الشرب فقط، بل إن تأمين المياه للاستحمام وغسل الأطباق يتطلب جهدا ووقتا كبيرين، مؤكدة أن المياه أصبحت أكثر أهمية من الغذاء، وأنهم يحصلون عليها بكميات محدودة للغاية منذ فترة طويلة.

إسرائيل تستخدم الجوع كسلاح

وللمساعدة في تخفيف الأعباء اليومية على أطفالها الذين يضطرون إلى المشي لمسافات طويلة لجلب المياه، تعمل صفاء الحلبي من مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة على ترشيد استخدام المياه من خلال تقليص الأنشطة مثل غسل الملابس والأطباق والاستحمام.

وتقول “نعاني طوال الوقت بسبب نقص المياه، فنحن نعيش حاليًا في فصل الصيف ومع ذلك نضطر إلى البقاء دون استحمام لعدة أيام – ناهيك عن تقليل كمية المياه التي نشربها”.

وفي 18 مارس/آذار، قال الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي – جوزيف بوريل – إن إسرائيل تستخدم الجوع كسلاح من خلال منع دخول المساعدات إلى قطاع غزة.

دعت الأمم المتحدة إسرائيل إلى فتح المعابر البرية لإغراق القطاع بالمساعدات الإنسانية قبل أن يقتل الجوع المزيد من الفلسطينيين، محذرة من “مجاعة لا مفر منها” – وخاصة في الشمال.

وتفرض إسرائيل، في انتهاك للقوانين الدولية، قيوداً على وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة المستهدف، وخاصة عن طريق البر.

وتسبب ذلك في نقص في إمدادات الغذاء والدواء والوقود، ما أدى إلى مجاعة أودت بحياة الأطفال وكبار السن في القطاع.

سالي إبراهيم هي مراسلة العربي الجديد من غزة.

[ad_2]

المصدر